Translate

السبت، 10 أبريل 2021

الاقتصاص من الظالم للمظلوم والإيمان بالجنة والنار


الاقتصاص من الظالم للمظلوم والإيمان بالجنة[1] والنار

منقول بتصرف من الألوكة



الاقتصاص من الظالم للمظلوم:

عن أبي سعيدٍ الخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخلص المؤمنون من النار فيُحبَسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصُّ لبعضهم من بعضٍ مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقِّوا أُذِن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسي بيده لأحدُهم أهدى بمنزله في الجنةِ منه بمنزله كان في الدنيا))[2].



وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلَّلْه منها؛ فإنه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهم، من قبلِ أن يؤخذَ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطُرحت عليه)[3].



الإيمان بالجنة[4] والنار:

فالجنة حق، والنار حق، لا ريب فيهما، ولا شك أن النار دار أعداء الله، والجنة دار أوليائه؛ قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ﴾ [البقرة: 24، 25].



وعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن شهِد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبدُ اللهِ وكلمتُه ألقاها إلى مريم ورُوحٌ منه، والجنة حق، والنار حق - أدخَله الله الجنةَ على ما كان مِن العمل))[5].



ويجب اعتقاد وجودهما الآن؛ قال تعالى: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، وقال: ﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ [النجم: 14، 15]، فأخبَر الله تعالى أنها مُعدَّة قد أُوجِدت، وأنها مُخفاةٌ لأوليائه، مدخَّرة لهم، وأنها في السماء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها ليلة المعراج ورآها.



وقال تعالى: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24]؛ أي: النار، وعن أبي ذر وأبي سعيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَبْرِدوا بالصلاة؛ فإن شدَّةَ الحرِّ من فيح جهنم))[6].



وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشتكتِ النارُ إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ، أكَلَ بعضي بعضًا؛ فأذِنَ لها في نَفَسَين، نَفَسٍ في الشتاء، ونَفَسٍ في الصيف؛ فهو أشدُّ ما تجِدون من الحرِّ، وأشدُّ ما تجِدون من الزَّمهرير[7]))[8].



وفي الصحيحين من حديث صلاة الكسوف وخُطبته صلى الله عليه وسلم فيها، وأنه عُرضت عليه الجنة والنار، وأنه أراد أن يتناول من الجنة عنقودًا فقصُرت يدُه عنه، وأنه لو أخذه لأكلوا منه ما بقيت الدنيا، وأنه رأى النار، ورأى فيها عمرَو بنَ لُحَيٍّ[9] يجر قُصْبَه[10] في النار، ورأى المرأة التي عُذِّبت في هِرَّةٍ حبستها، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لم أرَ منظرًا كاليوم قط أفظَعَ))[11].



وكذلك يجب الاعتقاد بدوام الجنة والنار، وبقائهما بإبقاء الله لهما، وأنهما لا تفنيان أبدًا، ولا يَفنى مَن فيهما؛ قال تعالى في الجنة: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، وقال: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الدخان: 56]، وقال في النار: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ﴾ [فاطر: 36].



وعن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى بالموتِ كهيئةِ كبشٍ أملحَ، فينادي مُنادٍ: يا أهل الجنة، فيشرئبُّون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيُذبَح، ثم يقول: يا أهل الجنة، خلودٌ فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت، ثم قرأ: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ - وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا - وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39]))[12].



إخراج عصاة الموحِّدين من النار:

جاءت الأحاديثُ الصحيحة الصريحة بإخراج عصاة الموحِّدين الذين تمسهم النار بقدر جنايتهم، وأنهم يخرجون منها برحمة الله تعالى، ثم بشفاعة الشافعين، وأن هؤلاء العصاة يسكنون الطبقة العليا من النار على تفاوتهم في مقدار ما تأخذ منهم، وعلى ذلك حمَل جمهورُ المفسرين الاستثناءَ في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ﴾ [هود: 107، 108]، وعلى ذلك يحمل ما ورَد مِن آثار الصحابة رضي الله عنهم. 
---------------------------

ويضل الله الظالمين




حين يَكثُر الظلم، ويشتدُّ القهر، وتَشتعِل الأرض، ويُداهن العالِم، ويَنتفِش الظالم، وتأخذه العزة بالإثم، وتُفرحه كثرة الظلم والطغيان، وتُسكِره لذة القتل والعصيان، وتُسعِده مَشاهد الأجساد المؤمنة المُحترقة - يتَّجه المؤمن إلى سورة إبراهيم، وساعتها تتكشف له آيات كريمة، ومعجزات عظيمة، فأستار الزيف والوهم التي يَسوقها الظالم لتبرير أعماله والتمادي في ظلمه ما هي إلا عدم توفيق من الله له، وكل تلك الأسباب تتزايد حين يأمر المستبدُّ جنوده بصرف الألوهية له، وحين يُكرِه الناس على السجود لشخصه، وحين يدمِّر دين الله باسم الجبروت ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].



يُخبر تعالى أنه يُثبِّت عباده المؤمنين الذين وقر الإيمان في قلوبهم وصدَّقوه بالعمل، يُثبِّتهم الله في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالهداية إلى الحق المُبين، يُؤثِرون مراد الله على مرادِهم، ويَجعلون أمر الله فوق أمرِهم، ويُطيعون ربهم دون ما سواه، فلا يَنزلِقون عند الشدائد، ولا يتزلزلون أمام المكايد، وعند الموت بالثبات على الإسلام، والتوفيق لحسنِ الختام، وفي القبر بالجواب الصَّحيح عند سؤال الملكَين، إذا قيل للميت: "مَن ربك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُّك؟"، هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمن: "الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي"، ﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ عن الصواب في الدنيا والآخرة، وما ظلَمَهم الله ولكنهم أنفسهم يَظلِمون، فلا تبشُّ لهم أرضٌ، ولا تتَّسع لهم قبور، ولا تَبكي عليهم سماء؛ لأنهم بدَّلوا نعمة الله كفرًا، وخرَبوا البلاد، وظلموا العباد، وجعلوا لله أندادًا؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم: 28 - 30].



ثبات المؤمنين أمام مكر الظالمين وابتلاء رب العالمين... كيف؟ هناك مِن زمن بعيد كان يوجد ملك جبار ظالم، يَعبده الناس خوفًا من بطشه، وفي مكان بعيد عن قصره كان يَعيش راهب يَعبُد الله وحده، وفي هذا الوقت ظهر غلام ذكيٌّ والتقى الراهب، الذي أخذ يُحدِّثه عن الجنة والنار، والثواب والعقاب، وفي أحد الأيام شاهَد الغلام دابةً عظيمة تمنَع الناس من المرور وهم خائفون منها، فأخذ الغلام حجرًا وقذَف الدابة به وهو يقول: اللهمَّ إن كان كلام الراهب حقًّا، فاقتل الدابة، فماتَت، ففرح الناس ومرُّوا، وانتشرت قصة هذا الغلام بين الناس حتى وصلت إلى الملِك، وكان من بين رجال الملك رجل أعمى، فذهب إلى الغلام وقال له: اشفِني، فردَّ عليه الغلام قائلاً: إن آمنتَ بالله ودعوتَه شفاك، آمَن الرجل بالله ثم دعا الله أن يَشفيه فشفاه الله وردَّ إليه بصرَه، نظر الملك إلى الرجل قائلاً: من الذي ردَّ إليك بصرَك؟ قال الرجل: ربي، عندئذٍ تهلَّل وجه الملك وقال: أنا الذي شفيتُك، فردَّ عليه الرجل قائلاً: لا، إن الذي شفاني هو الله، قال الملك: وهل لك ربٌّ غيري؟ أجاب الرجل: نعم، ربي وربك هو الله وحده، غضب الملك وبعث جنوده إلى الغلام فأحضَروه، فقال له الملك: كيف رددتَ على الرجل بصره؟ قال الغلام: أنا لم أردَّ عليه بصره، ولكن ربي - عز وجل - يستجيب دعاء المؤمن إذا دعاه! قال الملك: تَقصدني أنا طبعًا؛ فأنا ربكم جميعًا، رد الغلام: لا، إن ربي وربك هو الله الذي خلَقني وخلقك وخلقَ كل الناس، وخلَق كل شيء في الكون، أمر المَلِك رجاله أن يُعذِّبوا الغلام حتى أرشدهم إلى مكان الراهب فجاؤوا به، وقال له الملك: ارجع عن دينك، فرفض وثبت على مبدئه الحق، كان يجب على الملك أن يعود؛ لكن أضله الله فما عاد! فوضع المنشار في رأسه حتى شقَّه نصفَين، ثم جاء بالغلام وقال له: ارجع عن دينك، فرفض الغلام، أمر الملك رجاله أن يأخذوا الغلام إلى جبل مُرتفِع ثم يَقذفوه من أعلى الجبل، وعندما بلغوا قمَّة الجبل دعا الغلامُ ربَّه أن يَحميه، فاهتز الجبل برجال الملك فسقطوا جميعًا، ورجع الغلام إلى الملك، فقال له الملك: ماذا فعل رجالي معك؟ ردَّ الغلام بقوله: حماني الله تعالى منهم، كان يجب على الملك أن يعود؛ لكن أضله الله فما عاد! بعث الملك رجالاً آخَرين وأمرَهم أن يَقذِفوه في البحر، فدعا الغلام ربه، وغرق رجال الملك وعاد الغلام سالمًا إليه، فتعجَّب الملك مِن أمرِ الغلام، كان يجب أن يرجع عن عناده؛ لكن أضله الله فما رجع! وأصرَّ على أن يقتله، وعندئذٍ قال الغلام: أيها الملك، إذا أردتَ أن تَقتُلني فاجمع الناس في مكان واحد ثم اربِطني على جذع شجرة وخذ سهمًا ضعه في القوس ثم ارمني به وأنت تقول: باسم الله رب الغلام، فعَل الملك ما أشار به الغلام، ثم رماه بالسهم فوقع السهم في وجه الغلام ومات، فقال الناس جميعًا بصوت واحد: آمَنَّا برب الغلام، قال الجنود للمَلِك: لقد حدَث ما كنتَ تَخافه؛ فقد آمن الناس كلُّهم برب الغلام، وتأكَّدوا أنك لست ربًّا لهم، فغضب الملك على مَن رفضوا أن يَستمروا في عبادته وعبدوا الله وحده، أمر الملك الظالم بحفر الأخاديد (الشقوق المستطيلة في الأرض) وأشعل فيها النيران، وألقى المؤمنين وهو جالس مع جنوده على الكراسي حول الأخاديد يَنظرون إلى المؤمنين وهم يَحترقون، وهذا ما سجَّلته سورة البروج: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 1 - 8].



وابتَلى الله فراعنة بني إسرائيل بالآيات الواحدة تلو الأخرى؛ لكنهم لم يَثوبوا إلى رشدِهم، ولم يُقلِعوا عن ظلمهم، ولم يرجعوا إلى ربهم؛ ﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الزخرف: 48]؛ آية العصا: ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾ [الأعراف: 107]، ثم آية يده البيضاء: ﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾ [الأعراف: 108]، هل رجعوا؟ هل اتَّعظوا؟ كلا!



ثم توالت الآيات: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 130] قحطٌ ونقص الثمرات، وبعد سنين القحط جاءت الآية الخامسة، وهي الطوفان، والطوفان حادث يتكرَّر في أرض مصر، وفيه خير كبير، ولكن إذا كان زائدًا عن حدِّه، وطال الزمن قبل انحساره، أصبح نقمة بدلاً من أن يكون نعمة، ثم الجراد، الذي قضى على أحلامهم بإتلافه الزرعَ من بين أيديهم، فالقمل الذي يَكثُر ويَزداد في الأرض الرطبة بسبب الطوفان، فكان مصدر قلق وعذاب كبير، فالضفادع؛ حيث تكوَّنت الترع والبِرَك بعد انحسار الطوفان، وكثر وجود الضفادع، فزاحمتهم في أماكن عيشهم ومياه شربهم، وعكَّرت صفْوَ أيامهم ولياليهم، ثم كانت آية الدم؛ حيث ابتُليت أرض مصر بانتشار مرض البلهارسيا بسبب قواقع تعيش في المياه الراكدة، فسبَّبت لهم نزف الدم مع البول، وقد جُمعت تلك المعجزات في قوله تعالى: ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ﴾ [الأعراف: 133]، هل اتَّعظوا؟ هل تابوا؟ هل استقاموا؟ كلا؛ وإنما أخذهم الاستكبار والإجرام فأضَلَّهم الله؛ ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 133].



﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ [إبراهيم: 27]، كل تلك الآيات المُزلزلة لفرعون وجنده وقومه، لم تَزِد فرعون سوى تجبُّرًا وعنادًا وإجرامًا، لكنَّ هناك أمرًا جللاً؛ ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 63].



وعندما ذهب موسى عليه السلام برسالة ربِّه إلى فرعون الذي طغى، وأظهَرَ له آيتين من آيات ربه، وهما العصا التي تَنقلِب ثعبانًا، واليد التي يُخرجها بيضاء، فادَّعى فرعون أن ذلك سحر، وطلَبَ مِن موسى وهارون تحديدَ موعد آخر؛ حتى يَجمع السحرة ليُبطلوا ما جاء به موسى من آيات، فحدَّد لهم موسى عليه السلام الموعد - كما جاء في القرآن - في يوم معلوم، هو يوم الزينة؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ﴾ [طه: 59]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الشعراء: 38]، فجمع الناس، وأراد الظالم المستكبر فرعون أن يصرف الناس عن موسى عليه السلام وأن يدحض الآيات، فانقلب السحر على الساحر؛ ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 69]، ﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الأعراف: 120 - 122]، فكان ردُّ فعل الغبي: ﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾ [طه: 71]، فردُّوا عليه: ﴿ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 73].


كان الأَولى لفرعون بعد أن رأى تلك الآية المُعجزة أن يفرَّ هاربًا مذعورًا إن كان مصرًّا على عناده وكفرِه، لكن لأنه ظالم أضلَّه الله، لم يفعل أيًّا مِن ذلك فرعونُ، بل كعادة كل الطغاة سار باطمِئنان الجاهل، واستِخفاف الغافل، يُريد اللحاق بهؤلاء الفارِّين، تصوَّرَ المغفَّل أن البحر الذي انشقَّ بهذه الصورة المُعجزة ليُنجي موسى وبني إسرائيل سيُنجيه معهم، بل وسيُمكنه من الإمساك بهم، فوجد الغبي نفسه فجأة في وسط الماء، فأدرك مَصيره المحتوم؛ وحاول أن يَستدرِك ما فاته، ولكن الله العدل لم يُمكنه مِن النطق بكلمة التوحيد إلا في الوقت الضائع؛ حيث لا ينفع أحدًا إيمانُه، فكان سوء الخاتمة جزاءً وفاقًا لما ارتكبه مِن جرائمَ وحشية في حق الشعب، ومِن تطاوُل على رب العزة حين ادَّعى - وهو الحقير الذليل - أنه الإله المعبود، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن جبريل عليه السلام جعل يدسُّ في فم فرعون الطين؛ خشية أن يقول: لا إله إلا الله، فيَرحمه الله))؛ أخرجه ابن حبان والترمذي وصحَّحه الألباني.



غرق فرعون بجهله وغبائه، بعناده واستكباره، وتحقَّق أمر الله العليِّ العظيم، حين قال: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، نعم، يضلُّ الله الظالمين، يُسلِّط عليهم الغفلة والغباء، فتكون بها نهايتهم، والتي فيها عِبرة لكل مُعتبِر.



غرق فرعون في الماء في اليوم العاشر من شهر محرم، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم يوم عاشوراء كل عام؛ احتفالاً بهلاك الظالم، واحتفاءً بانتصار الحق؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صيام يوم فضَّله على الأيام إلا هذا اليوم؛ يوم عاشوراء"؛ متفق عليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وصيام يوم عاشوراء؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنَة التي قبله))؛ رواه مسلم.



أما فرعون، فقد أضلَّه الله ثم بيَّن مصيره ومن معه: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 46].



كانت قريش أكثر عددًا، وأقوى عدَّة، وخرجت ظلمًا وبغيًا، والبغي مدمِّر، والظلم عواقبه وخيمة، أدرك ذلك أبو سفيان؛ فأرسل إلى قريش يأمرُهم بالرجوع؛ فالعير قد نجَت، فأبَى أبو جهل وقال قولةَ البغي والاستعلاء: "والله لا نرجع حتى نَرِدَ بدرًا، فنقيم عليه ثلاثًا، ننحر الجذور، ونشرب الخمور، وتُغنينا القيان، ويتسامَع بنا العرب؛ فلا يزالون يهابوننا أبد الدهر"، ﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ عند ذلك صاح أبو سفيان - وقد استشعَرَ فداحة الهزيمة -: واقوماه! هذا عمل عمرو بن هشام، كره أن يَرجِع؛ لأنه ترأس على الناس فبَغى، والبغي منقصة وشؤم، إن أصاب محمد النفيرَ ذَللْنا، هكذا الطغاة الظالمون يَحلمون بالتسلط، ويَفرحون بالاستبداد، ويتشبثون بالعناد، لكن الله لا يريد ذلك للمؤمن فحذَّره أن يكون كهؤلاء: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47]، فأين هذا المخرَج من خروج الذين قال الله عنهم: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]، وقال الرسول في دعائه لهم: ((اللهمَّ إنهم جياع فأَشبِعهم، عُراة فاكْسُهم، حفاة فاحْمِلْهم))؛ رواه أبو داود.



المؤمنون استجلَبوا التثبيت، فكانوا يَقطعون طريقهم بذكر الله، ويَستسهِلون صعبه بالصوم والصلاة، ويتغلَّبون على وعثائه بالحب والإخاء، وفوق كل ذلك كانوا في صحبة رسول الله الذي خلا بهم، وفرغ لهم، يُصبِّحهم ويُمسِّيهم، يُراوِحهم ويُغاديهم، ما يَحجبه عنهم ليل، وما يَحجبهم عنه ستار، والأقدار الرحيمة تُبعدهم عن رغائبهم، وتُثبِّتهم على دينهم الحق ومبدئهم الأصيل: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، ويد الله الرحيمة تُدنيهم إلى ما أراده الله لهم، ﴿ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ﴾ [الأنفال: 7].



الكافرون الظالمون - ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254] - حطَّمهم الغرور الأحمق، والجهل المُطبق، والاستهانة بقوة المؤمنين، فخدَعهم الشيطان؛ ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 48]، وهكذا يُزيِّن لهم الشيطان، ويُضلُّهم الرحمن، ويتبرأ منهم الإيمان، فلا يُفلحون في الحياة الدنيا ولا في الآخرة ﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ﴾، وفي الأخير فِعلُ الله فوق فعل البشر، وأمر الله فوق أمر البشر، وقوَّة الله فوق قوة البشر؛ فهو الناهي الآمر، وهو القاهر القادر يأمر بما يُريد، ويفعل ما يشاء؛ ﴿ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].

=================================



يالحسرةِ الظَّالِمِينَ، ويالسوءِ مُنْقَلَبِهِم!




قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[1].

من خطر الظلم ومن شؤمه على من اتصف به أن الظالمَ بعيدٌ كلَ البعدِ عن الهداية.



والعلة في كونه بعيدًا عن الهداية أنه يعيش في الدنيا في ظلمات الجهل، والفجور، والكبر، والطغيان، وأُشرِبَ قلبه حبَّ تلك الظلمات، فيظلم قلبه، وينطفئ نور بصيرته، وأنى لمثل هذا أن يرى نور الإيمان وقد عميت عين بصيرته، وانتكست فطرته؟



ومن استمرأ الظلم، وآثر العيش في ظلماته في الدنيا، بعث يوم القيامة يتخبط في الظلمات، والجزاء من جنس العمل؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾[2].



وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»[3].



وكيف يهديه الله تعالى؟ ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾[4].



وكيف يوفقه الله تعالى للهدى وقد حكم بخسرانه جزاء ظلمه؟ ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[5].



فيالحسرة الظَّالِمِينَ، ويالسوء منقلبهم إِذَا بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ، ونزل بساحتهم بأس الله، فطحنتهم رحى المنون، وعجز الأطباء والمداوون؛ ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾[6].



فيالحسرتهم يوم القيامة، ويالسوء منقلبهم إذا عرضوا على ربهم؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾[7].



فلا تظلمن يا عبد الله إذا كنت مقتدرًا، واحرص أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، خميصَ الْبَطْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ؛ فـ «إِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُودًا لَا يَجُوزُهَا الْمُثْقِلُونَ»[8].



كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعِلْمِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: «إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ أَكْتُبَ بِهِ إِلَيْكَ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتَ خَفِيفُ الظَّهْرِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، خَفِيفُ الْبَطْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، كَافُّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ، لَازِمًا لِجَمَاعَتِهِمْ فَافْعَلْ»[9].  
=============================

[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 86.
[2] سُورَةُ مَرْيَمَ: الْآيَة/ 38.
[3] رواه البخاري -كِتَاب المَظَالِمِ وَالغَصْبِ، بَابٌ: الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، حديث رقم: 2447، ومسلم- كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ، حديث رقم: 2579.
[4] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 57.
[5] سُورَةُ الْأَنْعَامِ: الْآيَة/ 21.
[6] سُورَةُ الْأَنْعَامِ: الْآيَة/ 93.
[7] سُورَةُ سَبَأٍ: الْآيَة/ 31.
[8] رواه الحاكم - كِتَابُ الْعِلْمِ، حديث رقم: 8713، بسند صحيح.
[9] تاريخ داريا (ص: 46).
----------------------------  منقول من الألوكة --------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يكور النهار على الليل

القرآن : إعجاز علمي من صيد الخاطر أ. د. زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية نكور النهار على الليل الكرة الأرضية على هيئة البيضة ما ...